محاولة لإعادة قراءة قضية جبال النوبة وفقاً للملامح الاساسية لمسبباتها

محاولة لإعادة قراءة قضية جبال النوبة وفقاً للملامح الاساسية لمسبباتها
الجزء الاول

بقلم: إعتماد الميراوي

التعتيم الذي ضرب على قضية جبال النوبة منذ البدء كان له الاثر الكبير في عدم اتاحة الفرصة لقراءتها بطريقة منطقية خاصة مع ما صاحبها من تشويش مخل ومربك ادى الي تعذر الرؤية الواضحة للاسباب الحقيقية والاساسية ومآلات ذلك وفقا للتعقيدات المتلاحقة مما حد من بلورة وتكوين راي عام حولها والمشاركة والمساهمة بالرؤى الصائبة من قبل القوى الوطنية والسياسية وان تفاوتت الاسباب. آن الأوان لإعادة قراءة القضية بصورة توضح الاسباب الاساسية ومحركات التعقيد حتى يسهل تحليل وتفسير المواقف والاحداث التي كان انسان النوبة ضحية لها، وما اشبه اليوم بالامس .
خطورة الامر وفقا للاحداث الجارية تكمن في ان هناك جهات تعمل على تصعيد العدائيات من نفس المنطلقات السابقة التي يخشى المراقبين أن تقود الي دارفور اخرى . وفي تناولنا لتلك الاسباب نستميح استاذنا دكتور محمد محجوب هارون العذر فقد يستعصى تفادي العبارات التي نصح الحضور بعدم ذكرها اثناء حديثه بمركز الدراسات الاستراتيجية حول مشكلة جنوب كردفان والحلول حتى لا نصب الزيت في النار على حد تعبيره لان الغرب يطرب لسماعها (الابادة والتطهير العرقي) ومع احترامنا لرأيه وعهدنا برصانته في تناول الامور الا اننا نرى أن تغطية النار بالعويش لأزمة وصلت قوة انفجارها أقصى مدى لا يمكن الوصول لحلها الا بالتناول الواضح والصريح لما يتعلق بملابساتها وان لم يكن تفصيلا لكن بالاشارات لجوانبها الاساسية لتوضع المسائل في مساراتها الصحيحة تسهيلا للمعالجة . الاسباب الحقيقية وراء تعقيد وتصعيد قضية جبال النوبة هو وصف نضال ابناء جبال النوبة بأنه ضد العروبة والاسلام .
نشير الى ما يؤكد ذلك من خلال كتابات الباحثين من أبناء المنطقة من الطرفين.
*دكتور حامد البشير: (دراسة تحليلية عن الواقع السياسي والاجتماعي عن جبال النوبة)
بالرغم من أن حركة النوبة السياسية كانت اساسا حركة تذمر ضد عدم التوازن التنموي والتهميش المركب الاجتماعي الاقتصادي والسياسي في مجمل المؤسسية السياسية القومية والمحلية الا أن قيامها ادي الي ردود فعل مضادة من الطرف الآخر (آي العرب) مما أدي بصورة تدريجية الى انهيار التعايش السلمي بين العرب والنوبة وقيام نزاع عسكري بدلاً من تدابير صنع السلام وفض النزاعات بالطرق التقليدية من احلاف ومواثيق.
* دكتور جمعه كنده (ورقة بحثية بعنوان مستقبل جبال النوبة في ضوء احتمال الوحدة والانفصال بالسودان)
عند بداية الصراع المسلح في المنطقة 1984م اعبتر القادة السياسين والعسكرين في الشمال تمرد ابناء النوبة هو استهدافهم للوجود العربي والاسلامي بالمنطقة قبل استهدافهم للدولة نفسها فقامت الدولة الديمقراطية بقيادة حزب الامة آنذاك بتسليح القبائل العربية باعتبارها خط الدفاع الأول ، فشنت المليشيات قارات غير متكافئة على عدد من مجموعات للنوبة تقع خارج نطاق الحركة باعتبار انها تمثل الحركة ، وقد كان وزير الدفاع آنذاك فضل الله برمه ناصر أحد ابناء المنطقة من الطرف الاخر.
* دكتور حسين ابراهيم كرشوم :
ومن خلال الفصل الثالث للتقرير الاستراتيجي الاول لمركز السودان للبحوث الاسترتيجية نورد مقتطافات مما أعده دكتور كرشوم بعنوان مستقبل اتفاقيات سلام جبال النوبة ( راهنت الحركة الاسلامية على تحريك المجتمع العربي الرعوي لكسر شوكة الحركة الشعبية فقامت بتبني حركة الدفاع الشعبي التي شرعت الحكومة الانتقالية 1985 _ 1986م من قبل بتسليحهم عن طريق أمراء القبائل وحاولت الحركة الاسلامية تكييف الفكرة وفق المنظور الاسلامي لتصبح حركة جهاد أكثر من صراع قبلي ، لكن غارات البقارة كانت دائماً تستهدف قرى النوبة وهو ما اطلق عليه (التمليش) مما ادى لمقاومة تلك الهجمات من قبل الاهالي وقد دفع الدعم الحكومي للدفاع الشعبي القبائل النوبية للبحث عن حماية في أحضان الحركة الشعبية . وتعد الحملة التي قام بها اللواء بحري سيد الحسيني حاكم كردفان آنذاك أكبر عملية تصعيد للقتال ، حشد فيها جميع القبائل العربية بجنوب كردفان أعد الخيول ودق طبول الحرب وتحركوا صوب جبال تلشي مما أدى لوضع السودان تحت تهمة الابادة الجماعية ، اضافة للتهجير القسري والسلب والنهب ، مبررا ذلك بانه وعد الحكومة بتسليم المنطقة خالية من التمرد. وقد كان لسيل التقارير التي يرسلها لحكومة المركز وفقا لما اشار اليه المقال أثر كبير في تقوية موقفه وعدم تفاعل الخرطوم مع مساعي السلام التي كان يخوضها في ذلك الوقت محافظ كادقلي المقدم / محمد الطيب فضل . أحد ابناء المنطقة المنتسبين للعنصر العربي مما أدى لأنهيار تلك المساعي .
وفقا لما ورد يتضح جلياً أن تعقيد المشكلة كان نتيجة للتحليل والوصف الخاطئ لاسبابها الاساسية ، مما مهد الطريق الي سياسات متطرفة وفتح الباب على مصرعيه لاساليب لم تكن مألوفة ، وقد غيبت مطامع قلة نفعية الحكمة والعفوية التي كانت بمثابة الرحم الذي تكونت بداخله تلك المجموعات المتساكنة منذ مئات السنين ، حيث لعبت التقارير السرية حسب رأي المعاصرين لتلك الفترة دوراً خطيرا في محاولة تأكيد أن النوباوي غير مأمون ، وبالتالي يجب ابعاده من المناطق الحيوية ليقوم بحراستها القوي الأمين وبحكم المرحلة ظهرت كتابات في شكل مقالات على صفحات الصحف من بعض الاقلام يرى البعض انها تأخذ ذات المنحى كمقال كاتب عمود (من الأكمة) بصحيفة الانتباهه والذي اورد في أحد مقالاته أن مدخل الصهيونية للسودان سيكون عن طريق جبال النوبة وتحديدا منطقة ميري لوجود اليورانيوم ، وهو ما ذهب اليه كاتب اخر في صحيفة الصحافة اعتاد أن يدس السم في الدسم ، باسلوب قصصي ذلك في مقاله الذي جاء بعنوان (شيخ يوسف وبحيرة ميري) وما زالت كتباته نشطة في هذا الاتجاه متضمنة مزيد من الاستفزاز والتحريض وفقا لمجريات الاحداث.
خطورة تلك التقارير أنها كالشائعة تحمل جزء من الحقيقة لتكون مقبولة ومنطقية ويدس فيها كل ما يمكن اضافته لتحقيق الاهداف والغايات المطلوبة،من اساليبها الكذب والتضليل والتضخيم والتحريض ، استخدمت كسلاح ذو حدين لمخاطبة العواطف لخدمة الاجندة الخفية . لذلك عندما نشر الكاتب اسحق أحمد فضل الله مقاله بعنوان (الحرب تبدأ) إبان استفتاء الجنوب الاربعاء 4 أكتوبر2010م والذي قال انه سري للغاية من سلفا مطوك رئيس أركان حرب الجيش الشعبي لسلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب ، وفقا لخط الصحيفة المعلوم اعتبر المقال بالرغم مما يحمل من صيغة تحذيرية في ظاهره انه استعداء سافر للنوبة ووصفه البعض انه اعلان حرب على النوبة، وأكد بمالا يدع مجال للشك ان الانقاذ على استعداد لابعاد كل مايشكل عائقاً لمشروعها الأُحادي ، حيث جاء وفقا لتحليل المراقبين متضمناً الملامح الاساسية للخطط والاساليب المستخدمة في ادارة الاوضاع هناك (الفتنة الدينية والعرقية- الخلافات القبلية و الابعاد عن المواقع الحيوية) وبغض النظر عن مصداقية الخطاب أو عدمه فقد اعتبره المحللين والمتابعين محاولة لاظهار النوبة بانهم العدو الحقيقي المهدد لأمن الشمال وسلامته ، وبالتالي لابد من المواجهة والحيلولة دون مخاطره ؛ أي محاولة ايجاد مبررات واضفاء شرعية لكل الاساليب التي تتطلب التصدي لذلك ، وايضا الخطاب وفقا لتقديراتهم يرون أنه بحكم الوقت والظرف الذي نشر فيه يعتبر تأليب للرأي العام الشمالي ضد النوبة خاصة ذوي الاتجهات الاقصائية الموتورين من الجنوبين لتفريغ شحنتهم الغاضبة على النوبة . دعم التحليل في هذا الاتجاه ان الكاتب اعتاد الحديث بشكل متشنج عن النوبة مثال لذلك عندما اثارته لموضوع عصابات النيقرز المتشردين جاء حديثه بصيغة استهجنها الكثيرون ، وحمل إيماءات واضحة وليس دفاعاً عن مظاهر التفلت ، الا انه كان من الممكن تناول الموضوع كظاهرة اجتماعية افرزتها ظروف معينة خاصة الحروب ، وهي بالتالي تتطلب المعالجة في هذا الاطار، وفي ذات السياق كتب في مقال أخر قال(قوات النوبة التي تأتي الي الخرطوم بعد اتفاقية محدده من خمس سنوات بوعد استيعابهم في القوات النظامية تظل طافية على ابواب المكاتب دون عمل ليصبح بعضها مزرعة للجريمة) وهو المقال الذي اشار فيه لفرحة الجيش لاطلاق ايديهم الاربعاء 11 مايو 2011م.
لابد من الاشارة لمقتطفات من الخطاب وفقاً لما ورد بالمقال ولنبدأ بالمدخل الذي ابتدر به الكاتب بعنوان (الحرب تبدأ) والخطاب السري الذي ارسله الفريق سلفا مطوك رئيس حكومة الجنوب تحمل كل شئ والخطاب مثير وعن النوبة يقول الخطاب ويتحدث أحسب أنه لا بقا لسلفاكير الا بإشعال الحرب والحرب ان قاتل فيها الدينكا تعرضوا للابادة والاسلوب القديم يعود في استخدام الاخرين ليقاتلوا بدلاً عن الدينكا والخطاب مثير وعن النوبة يقول الخطاب النوبة كانوا هم القوة الحقيقية للجيش الشعبي في محور الصراع السوداني مما جعلهم القوة الاستراتيجية للجيش الشعبي نأتي للفقرة التالية حسب ما أورده المقال وبنفس عباراته والفقرة (د) من الجزء الثاني من محرقة النوبة يقول الخطاب ضرورة الهيمنة والسيطرة على ابناء النوبة داخل الجيش الشعبي والعمل على توزيعهم في المنطاق الاستراتيجية (أبار البترول ، الحدود والمواقع المهمة). اما باقي الخطاب حسب ما جاء بمقال الكاتب تضمن اثارة الفتنة الدينية والعرقية وما الى ذلك . عند اطلاعي على هذا المقال احسست بخطورة ابعاده وايقنت بأن هناك شئ لا محال واقع ، عرضته على استاذنا المثابر بروفيسور عبد المحسن البدوي عميد كلية الاعلام الامني بجامعة الرباط الوطني للاطلاع عليه فهو استاذ يعمل جاهداً من اجل تطبيع العلاقة بين الاعلاميين والامنيين لايمانه بضرورة التكامل والتنسيق بين الجانبين لتسهيل توصيل الرسالة الامنية للحافاظ على امن المواطن والدولة وفي نفس الوقت يحس على ضرورة الفصل بين امن الدولة وأمن النظام باعتبار ان امن الدولة يمثل الامن القومي. ايضا اطلعت عليه بعض الزملاء من طلاب ماجستير الاعلام الامني بالكلية ودار نقاش مستفيض حوله بروح الاخاء والهم الوطني الذي يقتضي الشفافية التامة ، امنا على ان الطرق المستمر بهذا الشكل هو محاولة لخلق صورة نمطية في ذهن القارئ عن انسان النوبة تحول دون التعاطف معه والتفاعل مع قضيته وهو ما نجحت فيه الي حد ما بعض اقلام الكتاب من قبل الاطراف المتساكنة التي تمثل الطرف الاخر من خلال الخطة المتكاملة للحملة الاعلامية التي قادتها قبل واثناء الانتخابات وما زالت عباراتها تنضح بالمكايدة والاستفزاز والتحريض ومحاولة الصاق تهم العصبية والعنصرية على قومية النوبة. مع الاجتهاد في عكس صورة تتصف بالحكمة والمسؤلية الوطنية بشكل يؤكد أهلية عناصرهم على القيادة الرشيدة.
وبناءاً على تداعيات ذلك الواقع وتشابك وتقاطع المواقف يرى المتابعين والمراقبين أن لم نقل المتضررين أن اوضاع جبال النوبة تمت إدارتها بإستراتيجية محددوة وعبر مراحل وخطط بدأ تنفيذها منذ أواخر الثمانينات ، كان الهدف منها كسر شوكة النوبة واضعاف وجودهم. تعد مرحلة قهر الرأي العام أولى المراحل تم فيها تشريد المثقفين وابعادهم من وظائفهم في إطار ما يسمى بالصالح العام ، وإضطر البعض تحت الضغوط والمتابعة للهجرة إلى خارج البلاد وظل البعض الاخر اما موالياً للنظام أو مغلوبا على امره . تلى ذلك مرحلة الافقار والتجهيل 1990م وما بعدها والتي تعتبر تصفية مؤسسة جبال النوبة من ابرز معالمها بوصفها اكبر المشروعات الناجحة والشهيرة بالقطن قصير التيلة حيث تم تشريد الاف العمال ومئات الأسر كما تم تصفية مشروع جنوب كردفان ومركز الابحاث الزراعية وتحويلهم الي جانب مدرسة تلو العريقة الي معسكرات للدفاع الشعبي ، اضافة لقفل مصنع النسيج . بعد ذلك مرحلة اعلان الحرب المقدسة عام 1992م وهي الباس الملشيات ثوب الجهاد باسم الدين لمقاتلة من سموهم بالكفرة والمارقين ، وارتكبت بموجب ذلك العديد من الفظائع والمآسي الانسانية التي لم تفرق بين النوباوي المسلم وغير المسلم (على عكس ادعائهم انهم يستهدفون غير المسلمين تبريرا لبشاعة جرمهم ) ، ايضا كانت هناك ضغوط متنوعة بغية التهجير تمثلت في قذف القرى واجبار المواطنين للتحرك في مساحات محدودة وجمدت رواتب المعلمين والموظفين ، بعد ذلك مرحلة تجزئة وتفتيت الادارة الاهلية واستقطابها 1995م والتي خلقت نوع من العدائيات القبلية بين النوبة انفسهم (سياسة فرق تسد) فتم استقطاب بعض العناصر تحت مسميات اتخذت من الدين غطاء لها,واكتشفوا لاحقاً انهم لم يحققوا اي مكتسبات سياسية او تنموية لمناطقهم و لأنفسهم وقد أكدوا في بيانهم الصادر في يوليو 2001م وقوفهم ضد اساليب التهجير والتشريد التي يمارسها النظام بإنتزاعه وتوزيعه لاراضي النوبة كمشاريع لعناصر موالية للنظام من خارج المنطقة . ثم مرحلة وضع المهجرين فيما عرف بقرى السلام والتي يسميها البعض بالسجون الجماعية لمجموعات أمنه ومسالمة لما فيها من استلاب للحقوق الاساسية للانسان واستخدام الاطفال والعجزة كعمالة رخيصة مقابل الغذاء . وفي عام 1997م تم توقيع اتفاقية جبال النوبة للسلام بين محمد هارون كافي رئيس الفصيل المنشق عن الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة وبين حكومة السودان ويرى المراقبين إن توقيع الاتفاق تم بالابيض بعيداً عن الاعلام وعن شهادة المجتمع الدولي حتي تتم السيطرة على مخرجاته. واورد الاستاذ يونس دومي كالو نائب الفصيل المنشق في كتاب له تحت الطبع بعنوان (أجراس الحق) انهم اكتشفوا بعد التوقيع أن الوثيقة الموقع عليها لم تحمل البنود الكاملة التي تم الاتفاق عليها (هنالك تعديل في بعض البنود) وباءت محاولتهم للتعديل بالفشل بالرغم من الوعود المتكررة. اسس المجلس الانتقالي للسلام بجنوب كردفان كآلية لتنفيذ بنود الاتفاقية برأسة بكري حسن صالح وهي الاتفاقية التي اعتبرها البعض مخطط لشق صف النوبة وبعد التوقيع تم تجاهل الموقعين عليها واضحت وظائفهم السياسية بلا وجود ودون آي تغيير تنموي ، ويرى بعض المواطنين والطلاب أنهم كادوا أن يكونوا فريسة لمحاربة اهلهم في خطة مايسمى بتحرير القرى أوسياسة (ضرب العبد بالعبد) وهو مايجري الآن . أما المرحلة من 1989م إلى 2001م فيرى المتابعين والمراقبين أنها شهدت اخطر المراحل في مختلف الابعاد. تمثلت معاناة القرى في القتل والحريق وتسميم المياه والمحصولات وتدمير المدارس و كل عمل وحشى تجاه النساء ، واستخدمت فيها العديد من فنون اليات القتال المتطورة من قصف جوي وغيره. ايضاً أوردت الملاحظات الانعكاسات السالبة من وجود البترول واليورانيوم بتلك المنطقة  على النوبة فكما هو معلوم أن أول منطقة ابار نفط بالسودان هي مناطق أبو جابره والتي تقع جغرافيا في مناطق جبال النوبة مديرية جنوب كردفان عاصمتها كادقلي وحدودها ابيي تمت تجزئة المنطقة وأول ماتم استقطاعه منها هو مناطق البترول بل عمد على تهجير النوبة من كثير من المواقع التي تمر بها انابيب التبرول بحجة انهم عناصر غير مأمونة الا أن السبب الحقيقي وراء ذلك وفقاً للمراقبين هو المستقبل المشرق لتلك المواقع والآن طالت تلك الاساليب مناطق اخرى حيث اليورانيوم بمنطقة ميرى . وبالفعل تم استقطاع جزء من ارضها منطقة (كانقا) اضافة لجزء من أرض الداجو لتأسيس محلية كيلك التي عين عليها معتمد من قادة الدفاع الشعبي وعندما أقامت أحد الشركات العاملة في مجال البترول بحفر خطوط انابيب بتلك المنطقة تم دفع التعويض عن المواقع المستقلة للمسيرية بدلاً عن اصحاب الارض وهي اشكالية دخلت الأن اضابير القضاء ، تلك النماذج  تفسر الاغفال المتعمد لعدم قيام مفوضية الاراضي وفقاً لماجاء في برتكول جبال النوبة . أيضا ما رصد اثناء سير مفاوضات السلام بنيفاشا رفضت الانقاذ مناقشة قضية جبال النوبة في إطار الايقاد مما حدا بتخصيص برتكول منفصل كما رفضت تسمية المنطقة بإسمها التاريخي المتعارف عليه (جبال النوبة) الذي استظل تحته كل من وفد اليها في السابق . ايضاً محاولة نقل حاضرة الولاية العاصمة كادقلي التي تضم جميع الاثنيات بالمنطقة بالرغم من انها تمثل ثقل لعنصر النوبة وذلك ليتم تحويلها الي منطقة طرفية نسبة لثقل العنصر الأخر بها ، اضافة لعدم اقامة صندوق تنمية واعمار ما دمرته الحرب إسوة بالمناطق الاخرى التي شهدت الحروب بالسودان نسبة لأن المناطق المتضررة لاثنيات النوبة. كما عمدت على اعاقة برنامج العودة الطوعية لارتباطها بالاحصاء والاستحقاقات وهو ما تكشفت ابعاده إبان فترة الانتخابات وتقسيم الدوائر الجغرافية والاحصاء السكاني الذي قال عنه الاستاذ/مكي بلايل (الاحصاء العنصري المزور). ايضا ابدى المتابعين ملاحظاتهم حول كشوفات المعاشيين خاصة في الفترة الأخيرة، اضافة الي أن البطالة وسط خريجي ابناء النوبة تمثل أعلى نسبة. وأخيراً من ضمن تلك الملاحظات عدم وفاء المؤتمر الوطني لمنسوبيه بما وعدتهم به اثناء الاتنخابات عندما تبين من خلال الرصد أن النوبة بالعاصمة يمثلون ثقل لا يستهان به عند تشكيل الحكومة لم يضم تعيين الوزراء من جنوب كردفان أي من ابناء النوبة فمن تم تعينهم  أوردت الانباء بأنه صرح باعلان الجهاد مجدداً على النوبة، وما زال من المتشددين في عدم وقف العدائيات ، والاخر من افصح في منبر بهذه الصحيفة بأن شبابهم يخطط لتسمية جبال النوبة بتلال العرب في حديثه الموجه للقائد تلفون كوكو في صيغة مناصحة أقرب للتهديد والذي كان ضمن الحضور بذلك المنبر المعني بمناقشة أوضاع منطقة جبال النوبة على اثر تقرير لجنة الازمات الدولية 2008م ، وفي ذات السياق فان ابناء النوبة بالمؤتمر الوطني تراجعت مواقعهم عند تشكيل الحكومة فمن كان وزير دولة أصبح أمين دائرة وليس من بينهم مستشار بالرئاسة وهكذا. اضف لذلك لم يتم تعيين أي ممن شاركت احزابهم في الانتخابات ولا حتى منير شيخ الدين على حد قول الاستاذ حيدر المكاشفي. لذلك يتضح من خلال مجمل الاشارات التي ارسلتها ملاحظات المراقبين المتابعين لشكل ادارة أوضاع النوبة اثناء فترة حكم الانقاذ بأنها لم تأخذ الشكل الايجابي ولعل هذا ما يفسر ظهور نتيجة الانتخابات التكميلية بخلاف ماكان متوقع بالرغم مما سخر لها من امكانيات ودعم على كافة المستويات وان رسم الخارطة الانتخابية بتلك الصورة لم يكن باقلام رئاسة الحركة الجنوبية بجوبا أو بأقلام الخرطوم أيضاً ، ليس نتيجة لانتماء سياسي او عرقي بل يدل على أن النتيجة كانت انعكاس طبيعي لشكل ادارة أوضاعهم اضافة الي قاصمة الظهر التي تمثلت في تصاعد التصريحات الاستفزازية والعدائية المتلاحقة بداءاً بلاءات القضارف ووعيد وتهديد المجلد بايماءاته الواضحة جبل جبل كركور كركور وما قابلها من ترغيب في نفس الوقت للاطراف الاخرى وتعالي اصوات الانتباهه ومن لف لفها التي تنادي بتمكين ابناء العمومة ومنشورات دولة العرب القادمة من قبل بعض الاطراف المتساكنة حتي تيقن البعض واهماً بأن ما يجدونه من دعم وسند يمكنهم من جعل مصير النوبة بالجبال كمصير (الهنود الحمر بامريكا) وهذا كله يسير في اتجاه تأكيد أن من اصطف خلف الشعبية في الانتخابات هو الاستهداف والوعيد والاحساس بالمستقبل المظلم وهو ماشكل مصدات للشعارات الدعائية التي اطلقتها الحملة الانتخابية للمؤتمر الوطني والتي تعزر وجود قبولاً عقلانياً لها مع صدى نبرات المجاهرة بالعداء لذلك بمجرد انفجار الاوضاع تداعت الى ذاكرة النوبة جميع سيناريوهات الحرب السابقة في الثمانينيات خاصة من عايشها ، فجاءت جميع النداءات والبيانات الصادرة من مجموعات وكيانات النوبة روابط واحزاب مع مناداتها بوقف الحرب ركزت على عدم العودة لسياسات التهجير القسري وتهم الطابور الخامس نشير منها : جاء في بيان الحزب القومي السوداني المتحد. تأكيد حرصهم على أرواح ومكتسبات وحقوق شعب جبال النوبة على المستويين الاقليمي والمحلي ، وعدم العودة للسنوات الماضية الاتحاد العام لطلاب جبال النوبة لا لإستراتيجية الاحلال والابدال وتشريد النوبة – المجموعات الثقافية اللجنة العليا لاحياء ثقافة وتراث جبال النوبة عنهم (سمنه)أوقفوا قتل الابرياء وسياسة التهجير- المجموعة الثقافية لاحياء تراث ميري ننادي بوقف الحرب والتهجير – مجموعة مناصرة تلفون كوكو عنهم عبد الرحمن دلدوم وبشير توتو رفض الحرب مهما كانت المبررات ومناداة الحكومة بعدم استقلال مثل هذه الاجواء وتصعيدها حتى لا يتضرر المواطن ، مع عدم محاسبة الجميع بجرائر الاخرين ، ومحاكمة المعتقلين بالوسائل والاساليب القانونية المتاحة ، أيضا تأتي افادات د. صديق تاور لصحيفة الاحداث أن لقيادة جبال النوبة بالمؤتمر الوطني موقف مخالف لقيادتها بالمركز حيال وقف تصعيد العدائيات ووقف اطلاق النار . بالاضافة لعديد من النداءات المماثلة خلال الندوات والاجتماعات التي تناولت هذه الاحداث.
لشعب النوبة قضية .. لهم مظالم ومطالب . حملهم للسلاح وتحالفهم مع الحركة يعتبر حسب المدافعين عن ذلك يمثل مرحلة من مراحل النضال التي بدأت سلمية ، أما عدم وفاء الحركة بالتزاماتها تجاههم فهو موقف تباينت ردود فعل ابناء وقيادات النوبة حوله منذ توقيع اتفاق نيفاشا كثر الحديث عنه والتعليقات عليه صراحةً وتحفظاً من خلال العديد من المنابر والاستطلاعات التي اجريتها معهم تحت عنوان( قيادات من جبال النوبة تبارك نيفاشا ولكن ) بصحيفة الايام ، والمقالات بعناوين جبال النوبة كبش فداء نيفاشا  جبال النوبة والنفق المظلم .. الخ. وفي ذات السياق قال قدامى قادة الحركة من ابناء النوبة ظلمنا من الوطني ومن الحركة ، والحركة والوطني وجهان لعملة واحده على حد قول تلفون كوكو والذي وجه من خلال سرده لتلك المظالم سؤال للحركة الام (هل كنا معكم في رحلة خلوية داخل الغابة) وهو سؤال يرى العديد ضررورة ان يوجهه منسوبي النوبة بالمؤتمر الوطني للحكومة بشأن ما يجري في حق شعبهم.
المواقف التي تتسم بعدم الوفاء يجب التعامل معها باعتبارها دروس وعبر تؤكد بأن النضال سواء كان سلمياً أو مسلحاً لا يكون بالوكالة وان التحالفات مهما كانت اشكالها تقتضي ترتيبات وضمانات ملزمة.
النوبة شعب مسالم صدق الوعد والعهد مع كل من تحالف ، خدموا هذا الوطن ودافعوا عن ترابه ، هم عماد قوة دفاع السودان وناصروا المهدية وناهضوا المستعمر ،فبالرغم من صغر رقعة جبال النوبة قياسا بحجم السودان فأن ثورات النوبة كانت الاكبر عدداً والاكثر شراسةً في وجه الوجود الاجنبي ، وما اغفله التاريخ عمداً أو تجاهلاً يظل حقائق لا يمكن انكارها وهو ما ظللنا نشير اليه كثيراً. كسروا وحطموا السياج الذي أُريد به عزلهم عن التفاعل مع المحيط الاجتماعي حولهم أي ما عرف بسياسة (المناطق المقفولة). ظل باب جبال النوبة مشرع منذ مئات السنين لكل من وفد اليه وهو ما تعكسه التركيبة السكانية ونماذج التعايش السلمي الذي كان سائداً حيث أدى التماذج و المصاهرة الي وجود عنصر خليط بين النوبة والعرب كالشوابنة وأولاد نوبة وعرب تلودي .. الخ. ايضاً يأخذ شكل التسامح الديني بعداً مثالي فعند بعض القبائل تجد بين الاشقاء (مسلم ومسيحي) ايضاً على مستوى الانتماءات السياسية فبالرغم مما اظهرته نتيجة الانتخابات على مستوى منصب الوالي تجد داخل المنزل الواحد هذا مؤتمر وطني وذاك شعبي وأخر حزب أمه أو حركة شعبية وهكذا. لذلك لولا عمق جذور تلك المكونات بابعادها المختلفة السياسية والاجتماعية والاثنية لما صمدت المنطقة طويلاً أمام محاولات حرق ونسف النسيج الاجتماعي واصرار تغذية بذور الفتنة من قبل ضاربي دفوف حرب الوكالة ، الباحثين عن مواطئ قدم في تلك المنطقة على ظهور (أبناء العمومة) حسب تعبيرهم.
ومما يدل على متانة تلك الصلات ايضا شكل التواصل بين المقاتلين انفسهم حتى اثناء فترة الحرب السابقة يلتقون لحظة هدنة المعارك يتسامرون ويلعنون الاقدار التي جعلتهم اعداء وبعدها يعود كلا منهم الي معسكره وفي قلبه غصة وحسرة اضافة لذلك فقد كانت هناك معاملات تجارية بين المقاتلين والمواطنين بالقرى القريبة من مناطق الحركة سميت باسواق السمبكة وفوق كل ذلك كانت هناك اتفاقيات مبرمة بين الحركة الشعبية والمليشيات جاءت الاشارة اليها في الحوار الذي اجرته صحيفة الوسط مع الراحل يوسف كوه مكي بنيروبي في اجابته على سؤال ما هي طبيعة العلاقة بينكم وبين القبائل العربية بالمنطقة؟ – هناك اتفاق بيننا وبين مليشيات عرب البقارة أقنعناهم بأن الحرب ليست بين نوبا وعرب انها بين النوبة والحكومة وهذا الاتفاق ساري منذ 1993م وفي عام 1995م أبرمنا اتفاق مع قبائل الرواوقة القريبين من منطقة الدلنج ولا نتقاتل معهم حالياً. واثناء سير مفاوضات السلام بنيفاشا اقامت الحركة الشعبية بكاودا مؤتمراً بعنوان كل القبائل ووجهت الدعوة لجميع المواطنين بالمنطقة بمختلف انتماءاتهم السياسية والاثنية والعقائدية كان الهدف منه المصالحة وتهيئة الاجواء توطئة للمرحلة القادمة ، ارسلت الحركة رسالة للمؤتمرين مفادها ان الحرب لم تكن ضد المواطنين كما تم تصويرها بل مع النظام وهو ما ظل يردده الراحل يوسف كوه على الدوام. في ذلك المؤتمر تصافح الحضور تعانقوا بكوا وتباكوا على الاحلاف والمعاهدات فقد كان ذلك أول لقاء جامع بعد سنوات الحرب ظللنا نراقب في بحذر نسبة للتوجس الذي كان سائد من قبل الجميع في البدء وبعد ان تفرغت كل الشحنات بدأ الجميع وكأنهم نسيج واحد وان الكل حركة شعبية ليس بالبعد السياسي أو الفكري لكن بالبعد الاجتماعي الوجداني والعواطف التي اتقدت في ذلك المحفل الذي دعت اليه الحركة الشعبية ، صاغوا مقررات ووضعوا مقترحات كانت بمثابة ميثاق للتعايش السلمي لوقدر لها أن تنـزل لارض الواقع لاسهمت بصورة فاعلة في حل اشكاليات المنطقة واصبحت نموذجاً يحتذى به لما يماثلها لانها وافقت بين شكل المواثيق السابقة التي كانت تحكم ذاك المجتمع من احلاف واعراف تدار بواسطة الادارات الاهلية وبين ما تقتضيه المتغيرات الراهنة ، واشار بعض الحاضرين في تعليقهم وتحليلهم لمخرجات المؤتمر بأنه اعاد الي الاذهان مؤتمر بلينجه للسلام الذي انعقد في 1992م بين ممثلين للحكومة والحركة بناءاً على الجهود التي قام بها المقدم محمد فضل كما أشرنا في مطلع هذا العرض حيث كان المؤتمر ناجح بكل المقاييس ، تم فيه وقف اطلاق النار والموافقة على تنفيذ برنامج شريان الحياة لاغاثة المتضررين حرية التنقل وقد عول الكثير في أن يقود المؤتمر الى اتفاق تسوية تامة للمشكلة بقيادة ابناء المنطقة وفقاً للروح والنوايا الخالصة ، الا أن رغبة حاكم كردفان الحسيني في تسليم المنطقة خالية من التمرد ، اضافة لعزم الخرطوم على حسم المشكلة في اطار النظر اليها بأنها حرب عصابات ادى الي فشل المساعي وانهار الاتفاق بل قام الحسيني باقالة محمد فضل واعتقال كل من تعاون معه في الاتصال بقيادة الحركة بوصفهم طابور خامس !! لذلك فبالرغم مما بقال بأن عجلة التاريخ لا تعود الى الوراء الا ان التعاطي مع قضية جبال النوبة يجعلك تحس بأن دورة الاحداث تعيدك الي الماضي بكل تفاصيل السيناريوهات السابقة ، فبمثلما دفعت تقارير الحسيني حكومة الخرطوم في اتجاه تصعيد الحرب والعداء في السابق مما ادى لوأد مؤتمر بلينجه في مهده وقفت الخرطوم الان خلف وأد اتفاق اديس الاطاري دون مراعاة لزهق المزيد من الارواح (سياسة الارض المحروقة) حيث نجحت أصوات مليئة بالغبن والعداء في الاصرار على عدم وقف اطلاق النار ووقف العدائيات خاصة المتشددين من قادة الدفاع الشعبي بالمنطقة الذين ظلوا يحيكون الادوار خلف الكواليس تارة وعلانية تارة اخرى بحكم مواقعهم التنفيذية . ووفقاً للمتغيرات الراهنة ظلت تنادي بالمزيد من الحسم لتصفية الحسابات لأنهم يعلمون بأن في تلك المواقع لا يوجد من يبكون عليه( النوبة لا يجيدون الولوله). ونحسب أن ماتم ابتلاءات وحسبنا الله ونعم الوكيل.
واخيراً ليس تقليلا لحجم الكارثة أو النهايات التي يمكن أن تقود اليها ولكن وفقاً لواقع الحال بالمنطقة يتضح أن مفاتيحها موجودة لكن هناك من يريد اخفاءها بلي عنق الحقائق حتى تتحقق مأربه. وبالتالي نقول للاطراف المتساكنة أن الارضية المشتركة للتعايش ما زالت باقية فقط علينا تسوية منعرجاتها وسد تشققاتها وعلى القلة التي نذرت نفسها للاصطياد في الماء العكر أن تكبح جماح الاطماع والاحقاد وتوظف جهودها في نبذ العداء ودرء الفتنة وتسعى في فك رهن ارادتها للوكلاء. الاهل والعشيرة وعندما أقول ذلك ليس استهلاك للحديث أو متاجرة بالعواطف ، الان النازحين من نيران الحرب يضم البيت الواحد ابن الاخ والاخت وكل منهم ينتمي لعنصر مختلف وهذا والده من قادة المؤتمر الوطني وذاك من قادة الحركة الشعبية ، ومنذ اندلاع الاحداث مازلنا نطارد من مستشفى ساهرون الي السلاح الطبي ومن العزاء في من لقى حتفه بمذبحة كحليات الى امبده لمن اصيب بالدلنج ، ومع اختلاف انتماءاتهم تربطك بكل منهم صلة قوية إن لم تكن بالدم فبالنسب أي المصاهرة .وحقاً يجب عدم الانسياق خلف اجنده الخرطوم وهي المقولة التي قيلت أثناء اندلاع الحرب السابقة عندما وقف الاب الخال لتلقي العزاء في فقيد واحد مع وجود الاختلاف في الانتماء السياسي والعرقي مما حدى في بعض الاحيان الى اقامة العزاء بصورة جماعية للضحايا من الطرفين عندما اشتد القتال ، لذلك نحن الان نكررها للمرة المليون احذروا اجندة الخرطوم واجلسوا واسعوا لاعادة المواثيق والاحلاف ويكفي ما قاله اللواء معاش ابراهيم نايل إيدام عضو مجلس قيادة ثورة الانقاذ السابق (ان حكومة المؤتمر لا تثق بنا وتضرب راسنا ببعض). (والجمرة بتحرق الواطيها) كما جاء في حديث أحد ممثلي القوى السياسية المعارضة بجبال النوبة. نخاطب الضمير الوطني اليقظ لقادة قوات الشعب المسلحة ونذكرهم بأن جنود النوبة على مر تاريخ النضال الوطني كانوا الاحرص على حماية وعزة وكرامة هذا البلد وعلى وحدة قوميته وهو ما جسده المناضل على عبد اللطيف قائد ثورة 24 عندما سئل عن قبيلته ورد قائلاً أنا سوداني ، فهو نوباوي من قبيلة ليما أحد فروع قبيلة ميري ، وأن والدته من دينكا قوقريال تدعى (الصبر). لذلك فان العزم على سحق ابناء النوبة من قبل الجيش الشعبي يعد خصماً على سند وقوة القوات المسلحة كمؤسسة وطنية وقومية واجحافاً في حق قومية تعتبر أحد عناوين هذه المؤسسة. أيضاً بما أن قوات الشعب المسلحة جزء من النسيج الوطني والقومي لهذا البلد والذي تعد القومية النوباوية أحد مكوناته فاذا صح القول وفقاً لما تشير اليه البيانات وما ورد في الصحف بأن هناك قوات تشادية ونيجيرية مشاركة القوات المسلحة وصومالية في طريقها للابيض للاتحاق بالقوات المسلحة المقاتلة ، فان هذا يعتبر وصمة في جبين هذا البلد والقوى القومية والوطنية وسيظل فصلاً من فصول التاريخ لن يمح عن الذاكرة. كما أن الدفع في اتجاه القتال حتي لا تتكرر تجربة الانفصال الذي يرى المتشددين في هذا الجانب بأنه كان نتيجة الانبطاح وعدم الحسم بقوة السلاح على حد تعبيرهم ، فان هناك الكثير مما يدحض هذا الادعاء ويؤكد أن انفصال الجنوب يعود الى الاسباب التي دفعت لحمل السلاح والتهاون في معالجتها ، فبالتالي نأمل أن يسهم الجميع في حقن الدماء وصون كرامة هذا البلد التي لا تأتي الا بعزة وكرامة انسانه.
مبادرة جامعة الخرطوم التي كانت لها السبق في البحث عن كيفية احتواء الازمة من خلال التفاكر مع الكيانات المختلفة التي تمثل ابناء منطقة جبال النوبةالي جانب الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني شكل بعداً قومياً كان مفقوداً في التعامل مع قضية جبال النوبة في السابق نأمل ان تجد المبادرة المزيد من الدعم والسند للدفع بمجهوداتها .
على القائمين على امر الاعلام يجب مراعاة ضرورة أن يكون الخطاب السياسي على قدر المسؤلية والرصانة بغض النظر عن الاهداف العامة للاستراتيجية الاعلامية.
نرى ضرورة تفعيل المبادرة التي قامت بها مجموعة من شباب الصحفيين بالتعاون مع المجلس القومي للصحافة والمطبوعات حول خطاب التعايش السلمي بعد الانفصال والتي وصف الحضور فيها بتواصل الاجيال الصحفية فقد كان على رأسهم الاستاذ محجوب محمد صالح والاستاذة امال عباس والاستاذة بخيته امين والاستاذ السر السيد والعديد من الصحفيين . لم تتناسب المساحة مع حجم الموضوع وعدد الحضور أذكر أنني لم احظ بفرصة للحديث قلت للدكتور العبيد مروح في نهاية الحلقة كنت اود الحديث تحديداً عن المنطقة التي اعتقد انها معنية بهذا العنوان فالكثير لا يعرف ابعاد مايدور فيها فالامور هناك وصلت حد لا يصدق ، فسأل احد الشباب بذهول (متين؟!) قلت في السابق حيث كان انعقاد تلك الحلقة قبل اجراء الانتخابات التكميلية ، أي قبل اندلاع الاحداث الحالية ، اقترحت على الاستاذة آمال عباس حينها اعداد ورقة في هذا الجانب ووعد أحد الاساتذة بسكارتارية المجلس بالترتيب والتنسيق معنا لاعداد حلقة مماثلة تتناول هذا الموضوع ، نأمل في مزاولة ما انقطع خاصة وان الخطاب الاعلامي قد مثل عبوات ناسفة عصفت بأمن تلك المنطقة.

eitimadalmirawy@gmail.com

شاركها على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.