ماذا يريد الاماراتيون من جمهورية تشاد كتب الاستراتيجي حيدر احمد المقال التالي

بعنوان ماذا يريد الاماراتيون من
جمهورية تشاد كتب الاستراتيجي حيدر احمد المقال التالي

‏يُتداول هذا السؤال كثيراً من شريحة واس هو هوعة من المثقفين والمهتمين بالشأن التشادي، ولطالما أصبح الوجود الإماراتي حقيقياً وفاعلاً في تشاد لعدة عوامل أبرزها: الأهمية الاستراتيجية لجمهورية تشاد، وطبيعة الموارد التي تتمتع بها، ودورها الجغرافي في حسم الصراعات السياسية.

‏كانت الإمارات آخر الدول الخليجية وصولاً إلى تشاد ( افتحت السفارة الإماراتية في انجمينا في سبتمبر عام ٢٠١٧ ) ولكنها الآن الأكثر حضورا في عدة ملفات مهمة وجوهرية منها: الملف الليبي والسوداني وإفريقيا الوسطى والدعم العسكري والاقتصادي والتبادل التجاري.

‏يمكن أن نركز على مسألة مهمة جداً ( التبادل الاقتصادي) ثم نتاول لاحقا الملفات السياسية والعسكرية.

‏بحسب احصائيات وزارة التجارة في تشاد عام ٢٠٢٣ فإن الإمارات تعدُّ ثاني أكبر شريك اقتصادي لجمهورية تشاد بعد الصين، وهذا يتطلبُ جهداً كبيرا للوصول إليه، ليس الأمر سهلا في دولة مثل تشاد أن تحتل المرتبة الثانية اقتصادياً في ظل تنافسٍ شرسٍ على الموارد الأولية من الدول الغربية والمؤسسات الاستعمارية التي تستنزف خيرات البلاد .

‏أولاً: التنافس مع الصين

‏أدار رجال الأعمال التشاديون بوصلتهم نحو الصين منذ عام ٢٠١٠ وأصبح نقل البضائع منها هو الخيار الأمثل بحسب السيّد آدم سعيد محمد آجي ( رئيس الغرفة التجارية في تشاد)

‏وضع الإماراتيون استراتيجية جديدة لسحب البساط من الصين فأسسوا شركات متوسطة الحجم مع رجال أعمال صينيين مقرها في دبي حتى يتسنى للتجار الأفارقة الحصول على بضائع صينية بأسعار مناسبة من الإمارات. وهذا لا يتطلب إلى جهد كبير أو إلى زمن طويل لوصول البضائع، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الشحن البحري مع تعطل الملاحة الدولية في السنوات الأخيرة.

‏بدت هذه الخطوة تعطي نتائج إيجابية منذ عام ٢٠٢٠ إذ يتم تصنيع الاحتياجات الرئيسية في دبي ومن ثم تشحن سريعا إلى الضفة الأخرى في إفريقيا ، لا يتطلب ذلك إلى زمن طويل بحسب تصريح رئيس نقابة التجار التشاديين في دبي محمد تيمان ( المدة المتوقعة للوصول إلى ميناء دوالا الكاميروني ٣٥ يوماً) وهناك رحلات يومية للشحن الجوي .

‏أبرز البضائع التي يستوردها التشاديون من الإمارات ( الأجهزة الإلكترونية – السيارات – المولدات الكهربائية – الملابس – مواد البناء – أدوات العناية بالبشرة ) .

‏ثانيا : مَن يملك الذهب يملك الاقتصاد !

‏إنهم يطمحون للتمكن من السيطرة المثلى على الاقتصاد عبر تجارة الذهب . وهذا ما حدث فعلا خلال السنتين الماضيتين ، تسهل الشركة الوطنية التشادية للتعدين فرص الاستثمار مع الإمارات، وبإمكانك أن تصدّر ما تشاء من الذهب إلى دبي ، من دون فرض أي قيود ، كلما عليك فعله الإفصاح عن الذهب ودفع قيمة الجمارك في مطار حسن جاموس ومن ثم شحنه مباشرة دون أية تعقيدات من الدولة إلى الإمارات .

‏يعد الذهب من الموارد التي انتشرت مؤخراً في شمال تشاد بالقرب من الحدود الليبية وبلغت صادرات جمهورية تشاد من الذهب عام ٢٠٢٣ حوالي ١٠٤ مليار فرنك إفريقي .

‏ثالثاً : استغلال الأفول الفرنسي

‏لا أظنّ أن فرنسا قادرة على إدارة التركة الاقتصادية التي أنشأتها في مستعمراتها.
‏تهالكت معظم الشركات الفرنسية التي استمرت زهاء قرن كامل وهي تمارس النهب والسرقة والفساد في موارد الأفارقة ، تأتي الإمارات بقدارتها المالية لتحل محل الشركات الفرنسية المتأزمة وهناك تعاون وثيق في هذا المجال بين البلدين ، تشتري الإمارات جزءاً كبيراً من أسهم الشركات الفرنسية وتحاول إعادة هيكلتها مع ما يتوافق مع احتياجات السوق.

‏قرأتُ قبل أيام مشروع للسيطرة على موانيء غرب إفريقيا وإذا حدث ذلك فإنّ الأمارات ستتمكن من السيطرة على ١٧ بلد إفريقي ( دول وسط وغرب إفريقيا ) .
‏علماً بأنّ ثمة مفاوضات تُعقد خلال الأشهر الماضية في باريس لسيطرة موانيء دبي على ميناء كريبي الذي يمثل أهم ميناء حيوي في وسط إفريقيا والذي تصدّر جمهورية تشاد النفط عبره إلى السوق العالمي.

‏يتبدى الأفول الاقتصادي لفرنسا بصورة واضحة عندما أقدم عدد من الشباب الأفارقة بحرق وتخريب محطات ( توتال ) في عدد من العواصم الإفريقية، وذلك تعبيرا عن سخطهم للسياسة الفرنسية في القارة الإفريقية .
‏أعلنت شركة توتال في يونيو ٢٠٢٢ بيع حصصها في إفريقيا لشركات عالمية حتى تحفظ حقوقها في حال طرد فرنسا من أي دولة إفريقية مثلما حدث في مالي أو النيجر أو بوركينا فاسو .

‏ختاماً وللمعلومية: فإنّ الإمارات هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تملك في جامعاتها مركز أبحاث للدراسات الإفريقية وهذا يؤهلها للإطلاع الدائم على التفاصيل الصغيرة لهذه البلدان .

شاركها على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.