*أصدق العزاء ????*
أن يُغادر الإنسانُ وطنَه مكرهاً فهذا مما يشق عليه، وَما حدَثَ لأهلِ الخرطوم و دارفور و الجزيرة الخروج من الديار وترك الممتلكات حفاظاً على الأرواح والأعراض والنزوح للولايات أو دول الجوار أو للمعسكرات فهذا ابتلاءٌ نسألُ اللهَ تعالى أن يُصبِر الجميع عليه ونُوجه الرسائل الآتية: *الرسالة الأولى*: الخروج من الديار صورة من صورِ الابتلاء، والصبر عليه أجرُه عظيمٌ عند اللهِ تعالى كما فعل المهاجرون إلى الحبشة والمدينة فإنهم احتسبوه عند الله تعالى قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: “عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ”. رواه مسلم.
*الرسالة الثانية*: فقد الأموال والممتلكات صورة من صورِ الابتلاء قال تعالى :
*(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)*
البقرة 155- 157؛

وقد صَبَر الصحابةُ على فقد أموالِهم وممتلكاتِهم بمكة عندما صادرتها قريش ما يُوجِب علينا الصبر على فقدِ الممتلكاتِ لننال الرحمة الإلهية *(أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)*

*الرسالة الثالثة*: ما حدث في بلادِنا بسببِ الحرب يجب أن يكون درساً لقفل باب الحروب والنزاعات في البلاد في المستقبل وبشكلٍ حاسم، فبحجم المآسي التي عاشها السودانيون بسبب الحرب يُرجى أن تكون هذه فرصة لاستدامة السلم باتخاذ كافة التدابير التي تمنع وقوع الحروب والنزاعات في المستقبل، وقد كانت الهجرة مدخلاً للسلم الاجتماعي قال تعالى *(وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)* آل عمران.

*الرسالة الرابعة:* لأصحاب الهلع والحرص على الثراء بأي وسيلةٍ كانت حرام أم حلال سواء أكانوا موظفين أو تجاراً أو سماسرة يُرجى أن تكونوا قد وعيتم الدرس، فمَنْ جَمَعَ المالَ وامتلك العمارات والسيارات الفارهة تركها لينجو بنفسِه وأموالِه. تذكروا أنكم يوماً ما ستتركُون كُلَما تَملِكُون وستمثلون أمام الحكم العدل *(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ)*
(47) الأنبياء؛

*وهذا أيضاً يقال لمن يقوم بسرقةِ أموالِ الناسِ وممتلكاتهِم أو من يُساعِد على أخذِها أو من يدل عليها، وهي ممتلكات اكتسبها أهلُها بجهدهم الطويل في العمل عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ – ﷺ – قَالَ: *”مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امرئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ”* فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئا يَسِيراً، يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: “وَإِنْ قَضِيبا مِنْ أَرَاكٍ”. رواه مسلم.

*خامساً*: كثيرون بسبب هذه الحرب والخراب الذي رَأوه والممتلكات التي فقدوها كرهوا بلادَهم ووطنَهم والدرس الذي تُعلِمُنا له الهجرة النبوية أن حب الوطن غير مرتبط بسوءِ الأحوالِ فيه، فقد خرج رسولُ اللَّهِ ﷺ من مكة مُكرَهاً، وقد عامَلَه أهلُها تعاملاً سيئاً هو وأصحابَه؛ ولكن عندما خرَجَ منها لم يلعنها لسوءِ تعاملِ أهلِها معه؛ وإنما ودَّعها حزيناً وعيناه تذرف من الدمع وهو يقول: *”أمَا واللهِ إني لأَخرجُ منكِ وإني لأعلمُ أنك أحبّ بلادِ اللهِ إلى اللهِ، وأكرمه على اللهِ؛ ولولا أهلكِ أخرجُوني منك ما خَرجتُ”* أخرجه الترمذي وابن حبان.
نعم قد يخرج الإنسانُ من بلدِه وهو كاره للوضع ولكنه ينبغي ألا يكره بلدَه مسقط رأسه ومنبت رزقه فيبقى ولاءَه لها وحبَه لأهلِها مع الدعاءِ لها والعمل من أجلِ إصلاحِ الحالِ فيها *(إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )*
(88) هود.

*سادساً* : يجب أن نعلم أن دوام الحال من المُحال وأن السوء لا يستمر إلى ما لا نهاية؛ فاللهُ تعالى يُعلِمُنا في القرآن الكريم أن العسر بعده اليُسر، وأن الكرب بعدَه الفَرَج قال تعالى *(سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)* وقال *(لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)* الطلاق١ فأبشروا يا أهل السودان بنصرٍ من اللهِ وفتحٍ قريب *(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)* الأحزاب ٤٧.

اللهم ارحمنا وارحم آباءنا وأهدنا وأهدِى أبناءنا وأصلح حالنا في الدارين ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك يا من يتولى الصالحين فتولنا برحمتك يا أرحم الراحمين آمين
.~~~~~~

أفضل ما قرأت. …
يبعث الرضا والطمأنينه …
شكر الله كاتبه وناشره
جزاه الله الحسنى وزياده..
منقول للفائدة

شاركها على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.